اختلاف المطالع من الناحية الفقهية

مسألة اعتبار اختلاف المطالع أو عدم اعتباره من المسائل الاجتهادية التي يسُوغ الخلاف فيها، ولا يرجح الدليل أحد الاتجاهين على الآخر؛ لتقارب الأدلة، ومع ذلك فإن الميل إلى الاتجاه الذي يعتبراختلاف المطالع قد يكون الأرجح ؛ لأنه يضم ابن عباس - حبر الأمة وترجمان القرآن - وعكرمة والقاسم وسالِمًا وإسحاق، وهو قول جمهور الشافعية، وقول في المذهب الحنبلي، وبه قال بعض الحنفية - منهم الزيلعي - وبعض المالكية - منهم ابن عبدالبر- وهذا هو المتبادر إلى الفهم من قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته؛ فإن غُمِّي عليكم الشهر، فعدوا ثلاثين)

رأى عثمان بثاقب رأيه،وصادق نظره، أن يتدارك الأمر،فجمع أعلام الصحابة وذوي البصر منهم، وأجال الرأي بينه وبينهم في علاج هذه الفتنة،فأجمعوا أمرهم على استنساخ مصاحف لإرسالها إلى الأمصار،فيؤمر الناس باعتمادها، والتزام القراءة بما يوافقها،وبإحراق كل ما عداها، وتعتبر تلك المصاحف العثمانية الرسمية الأساس والمرجع المعتمد لحسم الخلاف وقطع النزاع والمراء.
روى الإمام أحمد في مسنده عن أبي سعيد الخدري، قال: "عَدَا الذِّئْبُ عَلَى شَاةٍ فَأَخَذَهَا فَطَلَبَهُ الرَّاعِي فَانْتَزَعَهَا مِنْهُ فَأَقْعَى الذِّئْبُ عَلَى ذَنَبِهِ، قَالَ: أَلَا تَتَّقِي اللَّهَ تَنْزِعُ مِنِّي رِزْقًا سَاقَهُ اللَّهُ إِلَيَّ فَقَالَ يَا عَجَبِي ذِئْبٌ مُقْعٍ عَلَى ذَنَبِهِ يُكَلِّمُنِي كَلَامَ الْإِنْسِ فَقَالَ الذِّئْبُ أَلَا أُخْبِرُكَ بِأَعْجَبَ مِنْ ذَلِكَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَثْرِبَ يُخْبِرُ النَّاسَ بِأَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ قَالَ فَأَقْبَلَ الرَّاعِي يَسُوقُ غَنَمَهُ حَتَّى دَخَلَ الْمَدِينَةَ فَزَوَاهَا إِلَى زَاوِيَةٍ مِنْ زَوَايَاهَا ثُمَّ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنُودِيَ الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ لِلرَّاعِي: أَخْبِرْهُمْ ، فَأَخْبَرَهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَدَقَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُكَلِّمَ السِّبَاعُ الْإِنْسَ وَيُكَلِّمَ الرَّجُلَ عَذَبَةُ سَوْطِهِ وَشِرَاكُ نَعْلِهِ وَيُخْبِرَهُ فَخِذُهُ بِمَا أَحْدَثَ أَهْلُهُ بَعْدَهُ»