أنشطة جمعية الأندلس

مناقب الفقهاء السبعة 5

العلماء

5 ـ عبيد الله بن عبد الله بن عتبةعبيد الله بن عبد الله بن عتبة الإمام الفقيه مفتي المدينة وعالمها وأحد الفقهاء السبعة أبو عبد الله الهذلي المدني الأعمى وهو أخو المحدث عون وجدهما عتبة هو أخو عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما. ولد في خلافة عمر أو بعيدها وحدث عن عائشة وأبي هريرة وفاطمة بنت قيس وأبي واقد الليثي وزيد بن خالد الجهني وابن عباس ولازمه طويلا وابن عمر وأبي سعيد والنعمان بن بشير وميمونة وأم سلمة وآخرون.

قال الواقدي كان ثقة عالما فقيها كثير الحديث والعلم بالشعر وقد ذهب بصره وقال أحمد بن عبد الله العجلي: كان أعمشا وكان أحد فقهاء المدينة ثقة رجلا صالحا جامعا للعلم وهو معلم عمر بن عبد العزيز. وعن الزهري قال ما جالست أحدا من العلماء إلا وأرى أني قد أتيت على ما عنده وقد كنت أختلف إلى عروة بن الزبير حتى ما كنت أسمع منه إلا معادا ما خلا عبيد الله فإنه لم آته إلا وجدت عنده علما طريفا. وروى يعقوب بن عبد الرحمن القاري عن أبيه قال كنت أسمع عبيد الله بن عبد الله يقول ما سمعت حديثا قط فأشاء أن أعيه إلا وعيته. وعن مالك عن ابن شهاب قال ويقول ابن شهاب الزهري: كنت أخدم عبيد الله بن عبد الله حتى أني أستقي له الماء من البئر.وكان يقول لجاريته من بالباب فتقول غلامك الأعمش. وعن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه قال كتب عبيد الله بن عبد الله بن عتبة إلى عمر بن عبد العزيز:

                             بسم الذي أنزلت من عنده السور * والحمد لله أما بعد يا عمر
                                إن كنت تعلم ما تأتي وما تذر * فكن على حذر قد ينفع الحذر
                        واصبر على القدر المحتوم وارض به * وإن أتاك بما لا تشتهي القدر
                                فما صفا لامرىء عيش يسر به * إلا سيتبع يوما صفوه كدر
قال الزهري كان عبيد الله بن عبد الله بحرا من بحور العلم. وقال محمد بن الضحاك الحزامي قال مالك: كان ابن شهاب يأتي عبيد الله بن عبد الله وكان من العلماء فكان يحدثه ويستسقي هوله الماء من البئر وكان عبيد الله يطول الصلاة ولا يعجل عنها لأحد قال فبلغني أن علي بن الحسين جاءه وهو يصلي فجلس ينتظره وطول عليه فعوتب عبيد الله في ذلك وقيل يأتيك ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فتحبسه هذا الحبس فقال اللهم غفرا لا بد لمن طلب هذا الشأن أن يعنى.
سئل عراك بن مالك، من أفقه من رأيت؟ قال: "أعلمهم سعيد بن المسيب، وأغزرهم في الحديث عروة، ولا تشاء أن تفجر من عبيد الله بحراً إلا فجرته “. وقال الزهري: "أدركت أربعة بحور، فذكر عبيد الله". وقال: "سمعت من العمل شيئاً كثيراً فظننت أني اكتفيت حتى لقيت عبيد الله بن عبد الله بن عتبة فإذا كأني ليس في يدي شيء". وقال عمر بن عبد العزيز: "لأن يكون لي مجلس من عبيد الله أحب إلي من الدنيا". وقال أيضا: "لو كان عبيد الله حياً ما صدرت إلا عن رأيه".
قال أبو جعفر الطبري: "كان مقدماً في العلم والمعرفة بالأحكام والحلال والحرام وكان مع ذلك شاعراً مجيداً". وقال ابن عبد البر: "كان أحد الفقهاء العشرة ثم السبعة الذين تدور عليهم الفتوى، وكان عالماً فاضلاً مقدماً في الفقه تقيا شاعرا محسنا لم يكن بعد الصحابة إلى يومنا -فيما علمت- فقيه أشعر منه، ولا شاعر أفقه منه".
بلغه أن رجالاً يقع ببعض الصحابة فجفاه: أخبرني وكيع قال حدثنا أحمد بن عبد الرحمن قال حدثنا بن وهب عن يعقوب يعني ابن عبد الرحمن عن أبيه قال: كان رجل يأتي عبيد الله بن عبد الله ويجلس إليه. فبلغ عبيد الله أنه يقع ببعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. فجاءه الرجل فلم يلتفت إليه عبيد الله. وكان الرجل شديد العقل، فقال له: يا أبا محمد، إن لك لشأناً، فإن رأيت لي عذراً فاقبل عذري. فقال له: أتتهم الله في علمه؟ قال: أعوذ بالله. قال: أتتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه؟ قال: أعوذ بالله. قال: يقول الله عز وجل: ” لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة ” وأنت تقع في فلان وهو ممن بايع، فهل بلغك أن الله سخط عليك بعد أن رضي عنه ؟! قال: والله لا أعود أبداً.
قال البخاري: "مات قبل علي بن الحسين سنة أربع أو خمس وتسعين". وقال ابن المديني: "مات سنة 99". رحمه الله.