أنشطة جمعية الأندلس

المرأة بين الحضارة المادية والإسلام

congres3_011

{ نص الكلمة التي افتتح بها الأستاذ محمد وحيد الجابري المؤتمر الثالث لجمعية الأندلس بتاريخ:18 يناير 2009 / 21 محرم 1430} 

مقدمة :علاقة الأفراد بين بعضهم البعض كالعلاقة بين حروف اللّغة.إذا لم نجمع تلك الحروف، وننظم العلاقة بينها، فلن نحصل على لغة تعبر عن فكر، وتُصوِّر مشاعر وحياة إنسانية. الأفراد أيضا لا يتحوّلون إلى مجتمع، إلاّ إذا جمعتهم روابط وعلاقات تنظم نشاطهم وسلوكهم، هذه الروابط والعلاقات هي عناصر بناء المجتمع .من أهم هذه الروابط :

1 ـ رابطة العقيدة
وهي من أقوى الروابط الإنسانية التي تجعل من أفراد المجتمع وحدة متماسكة كالجسد الواحد، كما عبّر عنها الحديث النبوي الشريف : «ترى المؤمنين في تراحمهم وتوادّهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر جسده بالسّهر والحمّى». للعقيدة إذن آثارها النفسية والسلوكية في جميع العلاقات الإنسانية. والقرآن الكريم يوضِّح هذه الرابطة بقوله :(والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر )(التوبة / 71) فهذه الآية المباركة تثبت مبدأ الولاء بين المؤمنين والمؤمنات وتثبت قاعدة فكرية ونفسية من أقوى قواعد البناء الاجتماعي،وفي هذه الرابطة تتحمّل المرأة مسؤولية البناء والتغيير والإصلاح الاجتماعي، كما يتحمّلها الرّجل بشكل متعادل.

2 ـ رابطة القانون
وهي : «مجموعة القواعد التي تنظِّم سلوك الأفراد في المجتمع، و تجعلهم يحترمون سلطة الدولة ، ولو بالقوّة عند الضرورة». فالقانون الاجتماعي هو الأداة والوسيلة التي تنظِّم حركة المجتمع،وتربط أفراده . والقانون الإسلامي هو القانون المستنبط من القرآن الكريم والسنّة المطهّرة لتنظيم المجتمع الإسلامي وفق الرؤية والمقاصد الإسلامية، والإسلام في هذا القانون راعى الطبيعة النفسية والعضوية لكل من الرّجل والمرأة ،فجاء ب:
أ ـ قوانين وأحكام تخصّ المرأة .
ب ـ قوانين وأحكام تخصّ الرّجل .
ج ـ قوانين وأحكام عامّة للرّجل والمرأة.

3 ـ رابطة الأعراف والتقاليد
لكل مجتمع أعرافه وتقاليده.وللمجتمع الإسلامي أعرافه وتقاليده التي تميزه عن باقي المجتمعات ، والتي يجب الحرص عليها حتى يحافظ على معالمه وهويته.

4 ـ الحاجة إلى تبادل المنافع
نفهم ذلك من خلال الآية الكريمة من سورة الزخرف : (ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتّخذ بعضهم بعضاً سخريّاً )، يعني أن الحاجة إلى الآخرين هي الدافع الأساسي لمشاركة الفرد في تكوين البنية الاجتماعية ، فيوفِّر الفرد من خلال ذلك حاجته الفردية، ويساهم في تكامل الحياة البشرية .المجتمع إذن لا يقوم إلا بترابط الأفراد ،والأفراد لا يمكن إلا أن يكونوا رجالا ونساء.فلماذا يأخذ الرجال النصيب الأوفر في هذه المعادلة ويلغى الدور الفعال للمرأة؟ هل السبب هو التسلط الذكوري على مقاليد الأمور؟ هل السبب هو الدين كما يتهمون الإسلام؟ أم هي هذه الحضارة المادية التي أسقطت القيم وحطمت إنسانية الإنسان؟ وقبل الحديث عن قيمة المرأة ومكانتها في الإسلام ،من المفيد أن نورد بعض الإحصاءات التي تحدّثت عن محنة المرأة ومعاناتها في الحضارة المادية الحديثة التي تقودها أمريكا وأوربا،والتي ترفع شعار حقوق المرأة .الأرقام والإحصاءات تؤكِّد أنّ الإنسان المضطهد في هذه الحضارة،والذي تحوّل إلى رقّ وأداة للاستمتاع هو المرأة .إليكم بعض هذه الإحصاءات:«في تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية أنّ 70 % من 3,1 مليار إنسان الذين يعيشون مستوى من الفقر الكامل في العالم هم من النساء، وهناك حوالي 3,2 مليار امرأة اُميّة في العالم .وتتعرّض ثلث النساء في النرويج وأمريكا وهولندا ونيوزلندا إلى الاستغلال الجنسي .وفي أمريكا تتعرّض كل 6 دقائق امرأة واحدة إلى الاغتصاب» يضيف التقرير :«أنّ نصف مليون امرأة تموت سنويّاً نتيجة الحمل وأعراضه ، وتشكِّل النساء الشابّات 40 % من هذا الرقم.كما إنّ أجور 828 مليون امرأة تعمل عاملة تقل بنسبة 30 إلى 40 % عن أجور الرّجال.وجاء في تقرير آخر: «بناء على دراسة قامت بها وزارة العدل الامريكية ، تحدث في أمريكا سنويّاً310ألف عملية اغتصاب. يقول الكاتب الامريكي (ديفيد بلنك هورن) في كتابه (أمريكا بلا أب) بعد أن ذكر الاحصائيات أعلاه : أن يكون هنالك آباء صالحون أمر يحتاج إلى نموذج نسوي (أي يحتاج إلى نساء صالحات) وهذا هو السّبب في هروب الآباء الأمريكيين من المنازل .

الهجوم على الإسلام من خلال وضع المرأة
مسألة حقوق المرأة في الإسلام من أهم القضايا الفكرية التي يستخدمها خصوم الإسلام ومن يجهلون الأحكام والمفاهيم الإسلامية ليهاجموا الفكر والتشريع الإسلاميين، مدّعين أن الإسلام يظلم المرأة .
أهم الأسباب وراء هذا الهجوم يمكن تلخيصها بالآتي :

1ـ الخلط وعدم التمييز
بين ما هو إسلامي يقوم على أسس القيم والمبادئ الإسلامية وبين ما هو عادات وتقاليد اجتماعية متخلِّفة نشأت في مجتمعات المسلمين ،والتي تتناقض وروح الإسلام ومبادئه ، فراحوا ينسبون عن جهل أو عمد كل ما يشاهدونه في مجتمع المسلمين إلى الإسلام. هناك فرق شاسع بين مجتمع المسلمين القائم الآن، وبين المجتمع الإسلامي الذي يجب أن يقوم على أساس الإسلام،والتخلّف الاجتماعي في مجتمع المسلمين هو جزء من التخلّف العام في مجال العلم والتنمية والتصنيع والصحّة ..الخ .الباحثون الاجتماعيون يقومون بدراسات على وضع المرأة في بادية مصر أو العراق أو المغرب العربي أوصحراء الجزيرة العربية ..الخ ويصورون مشاكل المرأة من خلال النظرة البدوية أو الصحراوية المتخلِّفة الظالمة للمرأة، ثمّ تعرض تلك الدراسات ممثّلة للمجتمع الإسلامي؛ لانّ أفراد تلك المجتمعات أناس مسلمون، في حين أن تلك المفاهيم والممارسات لا علاقة لها بالإسلام ، بل تتعارض مع القيم والأحكام الإسلامية،وجاء الإسلام أصلا لمحاربتها وتغييرها.

2 ـ الجهل بالإسلام
لا سيّما في أوربا وأمريكا .الكثير يجهلون أبسط مبادئ الفكر الإسلامي، بل ويفهمونه فهماً مشوّهاً محرّفاً يقوم على أساس الخرافة والإرهاب وسفك الدماء والتخلّف والتعصّب، ولو عرف الإنسان الغربي حقيقة الإسلام لأقبل عليه، ولتفتّح عقله للحوار العلمي . هذه المشكلة تحدث عنها الرئيس الألماني السابق (رومان هوتسوغ) في خطاب ألقاه بمناسبة تكريم السيدة (آنا ماري شمل) في 10/1/1995، المستشرقة الألمانيّة في حفل تسلّمها جائزة السّلام من (رابطة الكتاب الالماني)قال:         « إنّ ما ينعكس في مخيّلة الكثير منّا عند ذكر الإسلام إنّما هو(قانون العقوبات اللاّ إنساني)أو(عدم التسامح الديني)أو(ظلم المرأة)أو (الاُصولية العدائيّة)ولكن هذا ضيق أفق يجب أن نغيِّره،فلنتذكّر بالمقابل موجة التنوير الإسلامي التي حفظت للغرب قبل ستة أو سبعة قرون أجزاء عظيمة من التراث القديم ».وفي مقطع آخر من خطابه يُوضِّح الرئيس الالماني سبب العداء للاسلام، بأنه جهل الأوربيين بالإسلام؛ لذا نجده يتساءل في خطابه :«أليس محتملاً أن يكون سبب عدم تفهّمنا للاسلام هو رسوخه على أسس عميقة من التديّن الشعبي بينما نحن إلى حدّ كبير في مجتمع علماني ؟ وإذا صدق ذلك فكيف نتعامل مع هذه الإشكالية ؟ هل يحقّ لنا أن نصنِّف المسلمين الأتقياء مع(الاُصوليين الارهابيين » ثمّ يعترف الرئيس الألماني بعدم معرفته بالإسلام بشكل أفضل إلاّ بعد الاطلاع على كتب المستشرقة (شِمل}و يدعو إلى فهم الإسلام من جديد، قال :«أقرّ أنّه لا يوجد أمامنا خيار آخر سوى زيادة معرفتنا بالعالم الإسلامي، إذا أردنا أن نعمل من أجل حقوق الإنسان والديمقراطية».

المرأة في الإسلام
حينما نتحدث عن المرأة في الإسلام فإننا ننطلق من الوحي الذي تنزل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بنوعيه القرآن والسنة منذ أربعة عشر قرناً . قضية المرأة قضية مبحوثة في ديننا بكل جوانبها، لأن الدين جاء لإقامة الحياة على وجهها الأكمل، بالرجل والمرأة، ولهذا سأعرض عليكم كدليل واضح على ما أقول آيات من القرآن الكريم تتحدث عن المساواة بين المرأة والرجل في الخلق والتكوين وآيات في التكليف والمسئولية وآيات في أحوال الاستضعاف و آيات في الجزاء والثواب .من المعلوم في أسلوب اللغة العربية أن الخطاب للذكر هو خطاب للأنثى من باب التغليب، فحين يقول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ [الانفطار:6] ليس المقصود الذكر وحده، وحينما يقول الله عز وجل:   وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ [العصر:1-2]معلوم أنه لا يراد به الذكر وحده،وهذا كثيرومعروف في اللغة وعند الفقهاء رحمهم الله، فأي حكم فهو للرجال والنساء؛ أما إذا خصت المرأة بخطاب، فيكون الكلام طبعا للمرأة وعن المرأة.

آيات المساواة مع الرجل في الخلق والتكوين:
ولا أقول: المساواة في الأحكام ،لأن المساواة أصلاً غير مطلوبة، ليس بين الرجل والمرأة وإنما حتى بين الرجل والرجل؛ فالثواب على قدر المسئولية، فالعسكري غير المدني والطبيب غير الأستاذ وغير المهندس، والجاهل غير العالم والحاكم غير المحكوم ، فالتفرقة ليس لأجل الخلقة وإنما لأن المسئوليات التي ترتبت تقتضي اختلافاً في الثواب والجزاء.أما المساواة في الخلق والتكوين والأصل فواضحة وضوح الشمس. يقول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى إذاً متساوون. وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ [الحجرات:13] ذكراً كان أم أنثى،ويقول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ [النساء:1] إذاً: كلهم مخلوقون من نفس واحدة فلا تفرقة في هذا الأصل هَو الذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا [الأعراف: 189] وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً [الروم:21] أي: خلقها من نفسك، نحن نتحدث عن قرآن نزل منذ أكثر من أربعة عشر قرناً.

آيات في خطاب التكليف والمسئولية:
يقول الله عز وجل: وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً [النساء:32].الخطاب موجه للرجال وللنساء، وللمرأة مقامها في المجتمع ودورها في المسئولية، وخاطبها الله كما خاطب الرجال، ،ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم يوم أن تحدث في حجة الوداع عن قضايا كبرى كالتوحيد والربا والقصاص، تحدث عن المرأة حديثاً مستفيضاً، وقال:{استوصوا بالنساء خيراً } والآية الطويلة في سورة الأحزاب خير دليل أن الخطاب للجميع : إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً [الأحزاب:35] الخطاب للجميع، والمسئولية للجميع ، وهذا قبل أربعة عشر قرناً.بعد هذه الآية قال الله عز وجل: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً [الأحزاب:36] خطاب تكليف ومسئولية وتحمل للجنسين.قضية أخرى من أكبر القضايا في ديننا: قوله تعالى: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ [التوبة:71] من أعظم وأخطر المسئوليات مسئولية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي بها قيام الأمة.جاء الأمر بها للرجال النساء على السواء.

آيات في أحوال الاستضعاف:
ديننا لا يرى أن المرأة وحدها مستضعفة ، وإنما الاستضعاف شيء طارئ على الرجال والنساء ،المرأة لها مسئوليتها التامة والكاملة، لكن إذا جاءت ظروف فيها استضعاف فالقرآن ذكر الرجال والنساء، فمثلاً قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً * إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً * فَأُوْلَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوّاً غَفُوراً [النساء:97-99]، إذاً أحوال الاستضعاف تطرأ على الرجال والنساء والولدان ،وأن المرأة ليست مستضعفة لخلقتها، وإنما هي مسئولة على قدر طاقتها والرجل على طاقته لكن الأحوال الطارئة هي للجميع.

آيات في قضية الجزاء والثواب:
يقول الله عز وجل : فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ [آل عمران:195] ويقول تعالى: مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً [النحل:97]، وقال: مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ [غافر:40]الآيات واضحة وضوح الشمس في أن هذا للرجال والنساء.

 الوضع السيئ للمرأة لا يقره الإسلام
بعد ذكر هذه الآيات الكريمات ،أنتقل بكم إلى الحديث عن وضع المرأة المسلمة في العصور المتأخرة،وقد كان فيه من السوء والظلم ما لا يخفى على أحد، وأهل العلم والعقل يعلمون أن هذا الوضع للمرأة ليس من الإسلام في شيء. وجدت بعض الممارسات والأخطاء التي لا يقرها شرع ولا عقل، قد تمنع المرأة من الميراث، وقد تجبرعلى زواج، بل حتى إذا جاء ذكرها في بعض البلاد يقال: (أكرمكم الله) حتى ولو كانت أمه، وهذا ليس من الدين في شيء، وليس من الغيرة، وليس من الحشمة، فهذه قضايا ليست من الإسلام، وإنما هي عادات بالية وتقاليد سببها الجهل، فالمطالبة بالإصلاح، وتحسين وضع المرأة، حق لابد منه ، وأمر لا ينازع فيه، والسبب في ذلك أن ديننا واضح، وخطاب المرأة في العبادات وفي الحقوق والواجبات واضح، وأي لبس وتشويش فإزالته بالرجوع إلى كتاب الله، وإلى سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ولا نحتاج إلى استيراده من أي جهة.

خاتمة
هل الحرية أن تكون المرأة سلعة في سوق الشهوات، تستعمل كجزء من ديكور دور الأزياء، ويستفز بها الرجل في قاعات السينما، وشاشات التلفزيون،وتزين بها أغلفة المجلات،ولوحات الإشهار، وتشتعل بها بيوت اللهو والدعارة، هل هذا هو الطريق لكسب الحقوق ؟ الحضارة الغارقة في المادية تريد امرأة نداً للرجل ومماثلاً له في كل شيء ومنافسا شرسا في البيت والشارع،في حين أن المرأة في نظر الدين شقيقة الرجل وشقه المكمل. الرجل يظل محتفظا برجولته والمرأة تظل متميزة بأنوثتها. المرأة والرجل في ديننا، خلقهم الله سبحانه وتعالى من نفس واحدة، والعلاقة بينهما علاقة مودة ورحمة وسكن وطمأنينة، لا علاقة صراع ومنافسات غير شريفة.